تفاصيل عملية المطرقة البطولية في مدينة عسقلان المحتلة عام 1990م

ردًا على مجزرة الأقصى

✍️ بقلم: أ. ياسر صالح

📖 وحدة الأرشفة والتوثيق في مؤسسة مهجة القدس

لم يكن بطل عملية المطرقة يعلم يومًا أن ثأره من محتل أرضه سيكون في بلدته التي هُجّر منها عنوةً كباقي أراضينا المحتلة عام 48، حيث هُجّرت عائلته من مدينة عسقلان إلى مخيم جباليا الثورة، واستقرّوا هناك ليكملوا مسيرة حياتهم، ويلتحق أبناؤهم في مدارس المخيم.

أنهى مجاهدنا دراسة الثانوية العامة في المخيم، ثم توجّه بعدها للدراسة في كلية المجتمع العصرية في منطقة (بيتونيا) متخصصًا بمجال التحاليل طبية، وعايش بطلنا معاناة أبناء شعبنا في انتفاضة الحجارة، وواكب استمرار المواجهات ضد جنود الاحتلال بكل أشكالها.

وفي عام 1990م ارتكب الاحتلال الصهيوني مجزرة الأقصى التي ارتقى فيها عدد من الشهداء وأصيب فيها العشرات، ونتيجة لذلك تأجّجت المواجهات مع جنود الاحتلال في معظم المناطق الفلسطينية.

لم تكن مجزرة الأقصى لتمر مرور الكرام على المجاهد رأفت خليل حمدونة كباقي أبناء شعبنا؛ لكن هذه المرة كان الوقع مؤلمًا عليه خاصةً، فقد ارتقى صديقه الشهيد منصور الشريف خلال المواجهات حامية الوطيس التي اندلعت في مخيم جباليا بتاريخ 08/10/1990م عقب مجزرة الأقصى، والتي على إثرها قرر المجاهد رأفت الانتقام، بتنفيذ عمليته البطولية على أرض بلدته الأصلية عسقلان.

عقب المجزرة أغلق الاحتلال المناطق الفلسطينية خشية أي عمليات انتقامية، لكن مجاهدنا رأفت كان ينتظر فتحها بفارغ الصبر ليثأر لصديقه الشهيد، وما أن فتح الاحتلال الحواجز حتى توجه إلى عمله بالمنطقة الصناعية في مدينة عسقلان المحتلة مجردًا من أي سلاح كي لا يتم الشك به أو توقيفه، ودخل بعدها إلى ورشة الحدادة التي كان يعمل بها، ولأنه ابن الجهاد الاسلامي وناداه الواجب، ما كان منه إلّا أن حمل مطرقة حديدية وضرب بها صهيونيين اثنين على رؤوسهما وألقى المطرقة معتقدًا أنه أجهز عليهما وقتلهما.

وأوردت صحيفة معاريف العبرية عنوانًا بتاريخ 24/10/1990م مفاده "عامل من غزة ضرب بمطرقة اثنين من اليهود على رؤوسهم"، مشيرةً إلى أن "رأفت حمدونة أصاب بمطرقة ثقيلة كل من نتان حسيد وإسحاق بيطوسي بضربهما على الرأس إصابات متوسطة قبل أن تتم ملاحقته واعتقاله".

وتضيف الصحيفة أن "منفذ العملية وأثناء هروبه عند مخرج عسقلان باتجاه القطاع دخل بيارة، وعند تقاطع عسقلان اشتبه به اثنين من الشرطة فلاحقوه، وانتبه المشتبه به عليهم، فخلع قميصه المليء بالدم واستمر بالجري حتى ألقوا القبض عليه في نهاية البيارة".

عقب العملية البطولية قرر الاحتلال الصهيوني زيادة عدد الشرطة في الطرقات في محاولة للتقليل من عمليات الانتقام، فيما قال إسحاق شامير رئيس حكومة الاحتلال آنذاك: "سنزيد من الأمن بكل المناطق وآمل أن تنتهي أعمال الانتقام".

بعد عملية الاعتقال تعرّض المجاهد رأفت لتحقيق قاسي، ثم نُقل لأسوأ عزل لدى الاحتلال ألا وهو عزل الرملة، وبعد ذلك صدر بحقه حكمًا جائرًا بالسجن 15 عامًا أمضاها في طاعة الله وخدمة أخوانه من حركة الجهاد الإسلامي.

وتصدّر مجاهدنا في السجن مراتب تنظيمية عليا وشارك في إضرابات كثيرة، واستطاع أن يحصل على شهادة جامعية من الجامعة العبرية المفتوحة، وبعد إكمال محكوميته أُفرج عنه بتاريخ 08/05/2005م، ليواصل حياته ويتزوج وينجب ويواصل دراسته ليحصل على الماجستير والدكتوراه ويعمل بجدية لخدمة قضية أخوانه الأسرى في كافة الميادين.

حديثنا في المرة القادمة عن الأخ المجاهد محمد أبو جلالة منفذ عملية طعن في القدس بتاريخ 10/03/1991م.

27/11/2021