الاستشهادي حسن البنا: رحلة من المقاومة توجها بعملية استشهادية

نشأة البطل
ولد الشهيد البطل حسن موسى رمضان البنا في 10/2/1985م، وكان أصغر أشقائه التسعة من أسرة متدينة ملتزمة بتعالم الدين الإسلامي حيث تربى حسن على السلوك الإيماني وطبقه خلال سنوا ت حياته، وتعود أصول عائلته إلى مدينة بئر السبع المحتلة عام 1948، وبعد الهجرة استقر بهم الحال في حي التفاح (منطقة الشعف) بغزة، فكان حسن من أبنائها المخلصين المدافعين عن ثرى الوطن الطاهر، والتحق حسن بالدراسة في مدارس اللاجئين بمدرسة الهاشمية في نفس المنطقة، ومن ثم درس الإعدادية في مدرسة الشجاعية للاجئين، واختار حسن أن يخوض مجال الصناعة فالتحق بقسم الصناعة التابع لمدرسته وتخرج بعد عامين حيث أتقن المهنة وأصبح عاملا متميزا في صناعة الألمنيوم.
وقد التزم حسن منذ صغره في مسجد الرحمن المجاور لبيته فكان يتسابق مع إخوانه في المسجد على التبكير لصلاة الفجر وكثيرا ما كان يسبق أهل المنطقة للتواجدعلى باب المسجد فكان نعم الشاب الملتزم والخلوق، وعمل حسن محفظا للقرآن الكريم لأشبال المنطقة في مركز الحسين بن علي، وحافظ على صيام الاثنين والخميس تقربا لله عز وجل. 

خلقه القرآن
كان حسن إنسانا كتوما متسامحا ويقوم بتقديم المساعدات للمحتاجين من أبناء منطقته وكان محبا للأطفال تجده مداعبا لهم يحاول دائما أن ينال رضي والديه لأنه يعلم أن رضا الوالدين من رضا الله والفوز بالجنة فكان واصلا لرحمه، مطيعا لا يتأخر عن تقديم الواجب.
لقد عشق حسن الشهادة والعمل العسكري منذ صغره، و تربى على يد الشهيد علاّم كرم والذي تعلم منه حب الجهاد والمقاومة والرباط في سبيل الله.
وعن أخلاق شهيدنا البطل يقول والده: "لقد أسميته حسن أسوة بالقائد العظيم المجاهد حسن البنا وأن يكون مثله في خلقه وحبه للجهاد والحمد لله خرج إلى الدنيا كما تمنيت له، فكان خلقه القرآن تجد عمله دائما لله محافظا على جلسات القرآن والتحفيظ في المسجد".
ويذكر لنا والده بعض مواقفه فيقول: كنت أذهب إلى المسجد في صلاة الفجر معتبرا نفسي الأول في الوصول لكنني أجد حسن على الباب ينتظر قدوم مؤذن المسجد حتى يدخل ليكبر لصلاة الفجر، ولا يمكن أن أنسى أنه لم يتقاعس يوما عن صلاة العشاء أو المغرب حتى ولو في ظروف الشتاء والمطر الشديد فلم يحول أمام إرادته الإيمانية أي عائق كان، وكنت أستغرب يوميا من كثرة تقبيل يد والدته في الذهاب والرجوع حتى راودني إحساس أكثر من مرة بأنني سأفقده شهيدا، وزيادة على ذلك كان يلح عليّ وعلى والدته بالدعاء له بنيل الجنة والحور العين".

حنون متواضع
تقول والدته: "كان حسن حنونا جدا عليّ وعلى إخوته ويشمل حنانه أبناء الجيران الصغار فكان متواضعا رءوفا لم يتعالى على أحد يوما كان يحب كل الناس وهم يحبونه لخلقه الكريم وتبتسم الأم: "لا يمكن أن أنسى تلك الأيام التي كان يدخل عليّ بها حاملا وردة حمراء ويقبل يدي ويطلب السماح والرضا"، وتكمل والدته: بعد الانتهاء من عمله وقبل أن يخرج لأي مكان يريده كان يقول لي: "ادعي لي يا حجة أن ألحق بركب الاستشهاديين وأكون شهيداً وأرفع رأسكم بالعالي".
فتبكي أمه في تلك اللحظات وهى تتذكر فلذة كبدها وتقول: "الله يحميه ويرضى عنه وإن شاء الله يكون مثواه الجنة كما تمنى".

مشواره الجهادي
بعدما تعرف حسن على الشهيد علام كرم ربطتهما علاقة أخوية كبيرة ومن ثم تطورت إلى علاقة جهاد ورباط في سبيل الله فالتحق بإخوانه في حركة الجهاد الإسلامي في منطقة التفاح ومن ثم انتقل للعمل العسكري في سرايا القدس، وخاض حسن دورة عسكرية مقاتلة على يد الشهيد القائد عزيز الشامي الذي أحبه حسن وأجلّه كثيرا حيث كان يتمنى أن يمشي على درب الشهيد عزيز الشامي وأن يكون دائما إلى جانبه، فقد تعلم على يد القائد الشامي فنون القتال والرباط في سبيل الله، ووضعه القائد الشامي في البداية بمجموعات الرصد لسرايا القدس، ومن ثم انتقل للعمل في زرع العبوات الناسفة على الحدود الشرقية لغزة وبعدها الرباط ليلا في سبيل الله مع إخوانه المجاهدين أبناء السرايا وقد شارك الشهيد حسن في صد اجتياح الشجاعية والزيتون.
وبعد رحلة طويلة من الجهاد سعى حسن لنيل ما تمنى فألح على إخوانه في الحركة بأن يخرج لعملية استشهادية فخرج الشهيد لتنفيذ أكثر من عملية استشهادية، ولكن الظروف الأمنية حالت دون تنفيذ العديد من العمليات التي خرج إليها.

وجاء يوم النصر
لقد حانت الفرصة التي تمنيتها أيها البطل المجاهد، حيث شاء الله أن يختار حسن شهيدا بعد أن صدق الله فصدقه فقد جهز حسن نفسه جيدا برفقة زميله المجاهد أشرف بعلوشة واتجها إلى موقع العملية في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأربعاء 15-12-2004 حيث قام المجاهد حسن البنا (من سرايا القدس) والمجاهد أشرف بعلوشة (من كتائب شهداء الأقصى مجموعات الشهيد أيمن جودة) بتفجير 3 عبوات ناسفة لحظة مرور قافلة عسكرية صهيونية تضم سيارات للمستوطنين برفقة الحراسة الخاصة بهم على مفترق موقع (غيفن) القريب من مغتصبة نفيه ديكاليم جنوب قطاع غزة، واشتبك المجاهدان بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية وتمكنا من الوصول إلى جوار الموقع مباشرة واشتبكا بأسلحتهما الرشاشة مع الجنود المتمركزين هناك، واستمر الاشتباك حوالي 25 دقيقة بشكل متواصل، ما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود صهاينة، فيما استشهد المجاهد أشرف بعلوشة وأصيب المجاهد حسن موسى البنا بشظايا قذيفة دبابة فقد على أثرها سلاحه الرشاش، وهنا اتصل المجاهد حسن بغرفة العمليات المشتركة عبر هاتف خليوي كان بحوزته، ووضعهم في صورة التطورات التي تمر بها مراحل العملية وأنه قد أصيب بجراح خفيفة وفقد سلاحه الذي طار في الهواء لمسافة 15 مترا بفعل قوة انفجار قذيفة الدبابة فطلب قادته في غرفة العمليات الانسحاب من المكان فرفض وأخذ يزحف حتى وجد سلاحه، واشتبك مع جيب عسكري صهيوني وتمكن من قتل ضابط صهيوني وإصابة جنديين آخرين بإصابات خطيرة حسب اعتراف العدو الصهيوني واستشهد حسن جراء إلقاء قذيفة اتجاهه ومُثل بجثته من قبل قوات الاحتلال الصهيوني "وهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها أيها الشهيد البطل".

(المصدر: سرايا القدس، 15/12/2004)