الشهيد بدر مصبح: بدمك وبصنيع يدك سننتصر

ميّز اللهُ شعبَ فلسطين عن غيرِه بأنه حيث كان في أي بقعة على أرضه في رباط إلى يوم الدين. فطوبى لمن سكن فلسطين، وطوبى لمن اجتهد وعرف الطريق فسار فيه دون تردد أو تراجع، طوبى لمن حمل السلاح، وسار في كل ساح، وتقدم الصفوف بإقدام يصحبه الكفاح، فكتب الله له شهادة يلقى فيه رسول الله وصحابته الاقحاح، بجنة من ريحان، أعدها الله لمن سار على درب الصلاح، في زمن الفتن والتناقضات، فيا سعد من اختصه الله بشهادة يختم بها حياته.

 

مولد ونشأة مجاهد

أشرق يوم الحادي والعشرون من يونيو من العام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعون على مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، معلناً قدوم فارس جديد وبطل أشمّ، إنه الشهيد المجاهد بدر كمال محمد مصبح.

نشأ شهيدنا "بدر" في بيت ملتزم بتعاليم الإسلام حيث تتكون عائلته من الأب والأم وثلاثة من الأخوة وقدر له أن يكون ترتيبه الثاني بينهم.

وتنحدر جذور عائلته لمدينة دير البلح التي تتسم بجمالها وطبيعتها الخلابة ونخيلها الشامخ، وكغيرها من العائلات الفلسطينية قدمت العديد من أبنائها شهداء كالشهيد "أحمد مصبح" الذي أستشهد في عام 2003م، في اجتياح غادر لمنطقتهم وكذلك الشهيد "ميار مصبح" الذي استشهد في قصف صهيوني غادر في معركة البنيان المرصوص عام 2014م.

درس شهيدنا المرحلة الأساسية بمدارس مدينة دير البلح، ثم انتقل لدراسة المرحلة للثانوية وواصل مشواره التعليمي إلى أن وصل للمرحلة الجامعية فتخرج من كلية فلسطين التقنية في العام 2014م.

وعن فترة طفولته تحدثت والدته قائلةً: "كان بدر في طفولته هادئاً، وكان متديناً، يساعدنا في أعمالنا، ملتزماً منذ صغره حريصاً على حضور حلقات حفظ القرآن".

 

هادئ الطبع

وتضيف الوالدة الصابرة  "للإعلام الحربي" " بدر - رحمه الله- كان ضحوكاً مبتسماً للحياة رغم كل السواد الذي يخيم عليها".

وأشادت الوالدة ببره بها وبوالده، فكان مثالاً رائعاً لبره بوالديه، شديدة الحرص على إرضاءهما ..".

وعن سرّيته وكتمانه يقول أصدقائه لم نكن نعرف شيئاً عن طبيعة عمله العسكري فكان كتوماً صامتاً لا يبوح بأسراره لأحد، ويتابع أن بدر كان ملتزماً بمسجد "النقلة" القريب من شارع أبو حسني بمدينة دير البلح.

 

مشواره الجهادي

تدرَّج شهيدنا المجاهد بدر مصبح في صفوف حركة الجهاد الإسلامي، فأحب العمل الجهادي منذ نعومة أظفاره، فكان التحاقه بالحركة في عام 2009 م وعمل في لجانها السياسية، ثم التحق بسرايا القدس في العام 2012م.

تلقى شهيدنا بدر عدة دورات عسكرية، فكان مثالاً للجندي المطيع، وكان نشيطاً ومهتماً بالدورات العكسرية ويسعى ليكون المميز بين المجاهدين، كما شارك في الرباط على الحدود الشرقية للوسطى، كما وشارك شهيدنا في معركة البنيان المرصوص عام 2014م لينضم بعدها لنخبة الميدان لسرايا القدس، ويسجل للشهيد أنه ساهم مع إخوانه المجاهدين في تربيض الصواريخ وإعدادها انطلاقاً من قوله تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل".

ومع بداية تشكيل وحدة الأنفاق انضم شهيدنا للعمل في تلك الوحدة الاستشهادية بكل ما تعنيه الكلمة، وأبلى بلاء حسنا فيها متيقناً أن تلك الأنفاق هي التي ستوصلهم للتحرير، ومن خلالها سيحرر أسرانا من خلف قضبان الزنازين.

 

شهادة عز وفخار

خرج الشهيد كعادته ليقوم بواجبه الجهادي المقدس، في وحدة الأنفاق وبالتحديد شرق خان يونس قرب بوابة (كسوفيم) في يوم الاثنين الثلاثون من شهر أكتوبر من العام ألفين وسبعة عشر؛ ليقصف الاحتلال الصهيوني النفق على المجاهدين، ويفقد الاتصال معه، فهب لنجدتهم مجموعة من سرايا القدس على رأسهم الشهيد القائد عرفات أبو عبدالله مسئول لواء الوسطى، ونائبه الشهيد حسن أبو حسنين وأخوة آخرين الشهيد حسام السميري والشهيد عمر الفليت والشهيد أحمد أبو عرمانة مع اثنين من كتائب القسام الشهيد مصباح شبير والشهيد محمد الأغا، ويستمر البحث عنهم أربعة أيام دون العثور عليهم؛ لتعلن سرايا القدس عن استشهادهم في بيان رسمي صادر عنها يوم الجمعة الموافق 3/11/2017م، وتمكنت قوات العدو الصهيوني من البحث عنهم من خلف الخط الزائل على حدود قطاع غزة وتعلن عن انتشال جثامينهم واحتجازها والشهداء هم: شادي سامي الحمري، بدر كمال مصبح، أحمد حسن السباخي، محمد خير الدين البحيصي، علاء سامي أبو غراب.

فطوبى لمن باعوا أنفسهم وكل ما يملكون في سبيل الله تعالى، وسلام لكم أيها الشهداء .. سلام لروحك يا بدر وسلام لكل الأرواح التي صعدت لبارئها تشتكي ظلم بني يهود ومن يعينهم على قتل شعبنا ومحاصرته.

المصدر/ سرايا القدس