الشهيد القائد حسـام جرادات: الفارس الذي قضّ مضاجـع المحتـل وأرعب العدو

رصاصات تطلق……قنابل وألغام تتفجر ….وسرايانا السوداء لا تستكين ولا تهدأ..ومدارس السرايا لا تغلق…ثورة وانتفاضة ومقاومة …والجهاد لا يتوقف.. أعلموا يا إخوتي إن أكتاف الرجال لم توجد إلا لحمل البنادق.. إما عظماء فوق الأرض وإما شهداء تحت الأرض.

أبا اسلام تأتي ذكراك العطرة ومازلت تعيش في قلوبنا وعقولنا وحياتنا تبث فينا روح الإيمان والجهاد والصبر والإرادة والتحدي ونحن على دربك نحمل راية الجهاد ماضون حتى ننتصر.

نقف اليوم في الذكرى السنوية العاشرة لرحيل الشهيد القائد "حسام لطفي جرادات" أبو اسلام الذي تصادف اليوم الثلاثاء الموافق 30/8 ، لنجدد عهدنا وبيعتنا مع الله ومع جميع الشهداء على السير على دربهم الذي سلكوه، درب الجهاد والمقاومة، ولن نحيد عن خيارهم المقدس، يا من صنعتم عزاً ونصراً بدمائكم وأشلائكم الطاهرة.

فأم حسام أصرت أن تتقدم الصفوف لتقود نساء جنين في موكب تشييع فلذة كبدها الشهيد حسام لطفي عبد الله جرادات قائد سرايا القدس في الضفة الغربية المحتلة, وهي تشجع بناتها على الصبر ورباطة الجأش وإطلاق الزغاريد وعدم البكاء والعويل فاليوم عرس حسام تقول الذي رفض طوال عمره الزواج وأصر على أن يهب حياته لفلسطين ومسيرة الشهداء فكانت فلسطين عروسه الأحب لقلبه ومهرها دمه وشهادته التي نفخر بها فلا نبكي القائد ولا نحزن على الشجاع ولا نستقبل المعزين فبيتنا مفتوح لتقبل المهنئين بالشهادة التي تمناها وحباها الله بها فدعائي لله في كل خطوة في لحظات الوداع الأخيرة لحسام أن يتقبله شهيدا , فقد عاش زاهدا مجاهدا مخلصا واستشهد بطلا رافضا الخنوع والاستسلام.

لحظات عصيبة
وعاشت أم حسام على مدار أيام الأسبوع المنصرم لحظات عصيبة عقب إصابته برصاص الوحدات الخاصة في مخيم جنين وتقول كانت أصعب اللحظات وأقساها خاصة ورغم أن حسام في الآونة الأخيرة كان لا يتوقف عن الحديث عن الشهادة وحثي على الصمود والصبر والتماسك والقول في لحظة يمكن أن يأتي خبري فلا تبكي يا أمي بل كوني فخورة وقوية لأننا جميعا مشاريع شهادة, ولكن خبر إصابته شكل لي صاعقة كبيرة فهو اكبر أبنائي, وأحبهم لقلبي, وما أحزنني أكثر معاناته خلال رحلة الإصابة, ثم استشهاده في عمان وعرقلة الاحتلال إدخال جثمانه وكنت أخشى أن يتمسك الاحتلال بموقفه ويمنعنا من تنفيذ وصيته في دفن جثمانه في مقبرة شهداء معركة مخيم جنين ولكن رغم ممارساته التعسفية فان حسام عاد إلينا وان كان شهيدا وزففناه لمثواه الأخير بين رفاقه الذين سبقوه, وأتذكر انه كلما كان يسقط شهيد يبكي ويحزن لأنه لم يأتي دوره وكان يدعوا الله أن يرزقه بالشهادة.

اليوم الذي انتظرته طويلا
ورفضت أم حسام في اللحظات الأخيرة من وداع بكرها حسام تقبل التعازي وزينت جدران منزله الكائن في حي المحطة في جنين والقريب من المخيم برايات الجهاد الإسلامي وأعلام فلسطين وصور الشهيد حسام وقالت أرجوكم من يحب حسام لا يبكي عليه ومن يحترم ذكرى حسام لا يعزيني زغردوا وغنوا فاليوم زفاف حسام الذي طالما انتظرته ولن احزن لرحيله فقد تمنى الشهادة والشهيد لا يعزى به ولا نحزن عليه بل نشمخ به فكيف إذا كان مجاهدا ومقاتلا وبطلا مثل حسام وأضافت اللهم إني صابرة محتسبة مؤمنة فتقبل شهادة ابني حسام.

حسام في سطور
وينحدر حسام جرادات من أسرة فلسطينية متواضعة انتقلت من بلدة السيلة الحارثية لتستقر في مدينة جنين حيث رزقت بحسام ونضال وعدد أخر من الشقيقات, وحسام كما تقول والدته كان الابن البكر الذي حظي بمكانة خاصة ومحبة كبيرة لي ولوالده الذي رحل في مقتبل العمر, فكان حسام سندي في رعاية وتربية أشقاءه وفي مرحلة مبكرة من العمر تفتح الحس الوطني لدى حسام بعدما أدرك حقيقة وجوهر القضية الفلسطينية فانخرط في العمل المقاوم بشكل سري وانتمى لإحدى الخلايا الفلسطينية التي عملت على مقاومة الاحتلال مما عرضه للاعتقال الأول في مقتبل العمر فلم ينال السجن من عزيمته وتنقل من سجن لأخر, وتعرض للاعتقال مرة تلو الأخرى دون ان يكل أو يلين كان بطلا بكل معنى الكلمة وتضيف خلال انتفاضة الأقصى لم يتأخر حسام عن تلبية نداء الواجب وكان كتوم يعمل لوجه الله لم يحب المظاهر والتباهي, وكان يعمل مع المجموعات السرية للانتفاضة ويقول رفاقه انه كان يتقن تصنيع العبوات والذخيرة المحلية وبينما كان الاحتلال يتوغل في جنين, كان حسام وحيدا يعد العبوات ويزرعها ويفجرها في آليات الاحتلال.

مشاركة في معركة مخيم جنين
وعندما شنت قوات الاحتلال هجومها في نيسان 2002 على مخيم جنين يقول رفاقه لم يتأخر حسام عن الالتحاق في صفوف المقاومة وانخرط في صفوفها وشارك في التصدي لقوات الاحتلال وقال احد المقاتلين ان حسام رحمه الله كان مقاتلا مخلصا وفذاً, لم يتقاعس لحظة عن الجهاد, أمضى أيام وليالي طويلة في مقارعة المحتلين خاصة بالعبوات.

فدى المقاومين
ويتحدث أهالي المخيم بفخر واعتزاز عن الحادثة التي فدى فيها حسام المطارد علاء الصباغ قائد كتائب شهداء الأقصى – قبل استشهاده - وزكريا الزبيدي عندما حاصرتهم قوات الاحتلال مع عدد من المقاومين في حي المحطة الذي يعيش فيه حسام وقال احد المقاومين لقد قدم حسام نموذجا في التضحية والفداء لا ينسى أبدا فعندما حاصرت قوات الاحتلال المقاومين وكادت تصل لهم, جعلهم يعتقلونه بينما أفسح المجال أمام المقاومين للنفاذ من قبضة الاحتلال فاقتيد للسجن وأمضى فترة طويلة داخله.

الملاحقة
قبل عام ونصف أفرجت قوات الاحتلال عن حسام بعد قضاء محكوميته تقول والدته ولكن لم نكد نفرح بتحرره وعودته لأسرته حتى بدأت قوات الاحتلال بملاحقته بدعوى انخراطه في صفوف سرايا القدس, وتكررت المداهمات, والتهديدات, ولم يعد يوم دون اقتحام منزلنا وتحطيم محتوياته وتهديدنا بأقسى العقوبات وتصفية حسام ولكن هذه التهديدات لم ترهب حسام فكان يشجعنا ويحثنا على الصمود والصبر ويقول مهما مارس الاحتلال من ضغوط لن نتوقف عن المقاومة الجهاد خيارنا وجميعنا مشاريع شهادة وعندما كنت أقول له أنا كبيرة يا ابني ولا احتمل هذا العذاب كان يقول أنت عظيمة ككل أم فلسطينية وهذا قدرنا أن نجاهد لنتخلص من عذاب الاحتلال وظلمه لن يهدا لنا بال ما دام هناك احتلال وإرهاب, فلم أكن املك سوى الدعاء له, والفخر ببطولاته ومواقفه.

الاستهداف
اشتدت ملاحقة حسام تقول زوجته على مدار عام ونصف نجا خلالها من عدة محاولات اعتقال واغتيال كان أخرها الشهر الماضي عندما قصفوا المنزل الذي كان يقصده حسام قبل وصوله إليه بلحظات فاستشهد اثنين من مساعديه ورغم ذلك واصل حسام مسيرته الجهادية بشموخ وتحدي مجاهدا في سبيل الحلم حتى تمكنت وحدة صهيونية خاصة من الوصول إليه مساء الأربعاء 23-8 فأطلقت الأعيرة النارية عليه من سلاح كاتم للصوت وإصابته بجراح خطيرة نقل على إثرها لأحد المستشفيات الأردنية وارتقى شهيداً في الثلاثين من آب لعام 2006 متأثراً بجراحه التي أصيب بها قبل أسبوع برصاص القوات الصهيونية الخاصة في مخيم جنين فقتلهم الله وانتقم منهم وان لعنتي ستبقى تلاحق المحتلين وعملائهم ليل نهار.
العهد والقسم بشموخ وإباء تتحدث أم حسام عن سيرة ابنها بينما يتدافع الأهالي للتضامن معها وقالت ان خسارتنا كبيرة على رحيل القائد الذي طالما حمل سلاحه ورفض أن ينحني وعندما يتوغل الاحتلال يندفع للقائه, انه الشجاعة بكل معانيها انه الشموخ الفلسطيني بأصالته, فنم قرير العين يا حسام فأمك ومعها كل أم فلسطينية ستبقى تزرع حلمك وتحمل رايتك مثلما يحملها رفاقك في وداعك وأننا نقسم بدمائك أن نبقى على العهد حتى تنتصر فلسطين ويتحقق النصر بفضل جهاد رفاقك وشعبك.

بطولات لا تنسى
وأطلق الشهيد اشرف السعدي أحد قادة سرايا القدس النار في وداع حسام وقال لن ننساك أبا اسلام, ولن ننسى بطولاتك وتفانيك وشجاعتك وأضاف في إحدى المواجهات حاصرتنا قوات الاحتلال كنت مع حسام في مخيم جنين الدوريات أمامنا والمشاة خلفنا فاشتبكنا معهم وتشاهدنا ولحظتها أصبت فطلبت منه الهرب والنجاة بنفسه وتركي ولكنه رفض فامسكني بيد وقاتل بالأخرى, واستمر في إطلاق النار حتى دب الرعب في صفوف الاحتلال وتمكن من إنقاذ حياتي ان هذا القائد يعيش معنا ووفاءنا له سيكون بتصعيد المقاومة .

صورة للبطولة
وأقسم الشهيد القائد وليد العبيدي من قادة السرايا قبل استشهاده على الثأر لقائده الذي كان اول من أنقذه وساعده في النجاة من الكمين الصهيوني رغم إصابته وقال خلال رحلة مطاردتنا عرفنا حسام كبطل لم يكن يتعامل معنا كقائد بل باحترام وتقدير ومحبة, كان شديد الكراهية للمحتل ويكون دوما في مقدمة الصفوف في مواجهة المحتلين.
وأضاف: عندما قصفت طائرات الاحتلال المنزل في مخيم جنين, كنت وحسام في الطريق إليه, وتساقطت الصواريخ, فأصبت بشظايا إحداها ورغم تحليق الطائرات على ارتفاع منخفض رفض حسام تركي وساعدني حتى وصلنا لموقع امن, لم يكن يهاب الموت وشعاره مقاومة حتى الشهادة وسيكون هذا الشعار نهج حياة لسرايا القدس.