ذكرى محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي

يصادف اليوم 16/6 ذكرى إعدام القادة الأبطال " محمد جمجوم، فؤاد حجازي، عطا الزير"، الذين كانوا عنوان الصمود الوطني ضد تحالف بريطانيا والصهاينة.
تأتي ذكرى استشهادهم تزامنا مع أسر 3 جنود صهاينة وتكثيف التصعيد الصهيوني على مدن الضفة وقطاع غزة ولك تحصل على طرف خيط.

قصة بدأت بثورة لم تنته بعد..
قصة هؤلاء الأبطال الثلاثة بدأت بثورة لم تنته حتى اليوم, بدأت عندما اعتقلت القوات البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق ، هذه الثورة التي بدأت عندما نظم المستوطنين مظاهرة ضخمة بتاريخ 14 أغسطس 1929 بمناسبة " ذكرى تدمير هيكل سليمان " أتبعوها في اليوم التالي 15 أغسطس بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل حتى وصلوا إلى حائط البراق وهناك رفعوا العلم الصهيوني وشتموا الفلسطينيين والمسلمين ..
وكان اليوم التالي هو يوم الجمعة 16 أغسطس والذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف, فتوافد المسلمين للدفاع عن حائط البراق الذي كان في نيّة اليهود الاستيلاء عليه .. فكان لابدّ من الصدام بين العرب وجنود الاحتلال في مختلف المناطق الفلسطينية.
كان اعتقال الثلاثة مناضلين يحمل معناً واضحاً بالدعم التام والمطلق للاحتلال, وهذا ما لم يرضى به أهالي كل من صفد والخليل وباقي المدن والقرى الفلسطينية ، ولهذا قامت قوات الشرطة باعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق وحكمت عليهم بالإعدام وقد تم تخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد عن 23 منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة " محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير".

نبذة عن حياتهم..
محمد خليل جمجوم من مدينة الخليل, تلقى دراسته الابتدائية فيها, وعندما خرج إلى الحياة العامة، عاش الانتداب وبدايات الاحتلال الصهيوني, عرف بمقاومته ورفضه للاحتلال، وكانت مشاركته في ثورة العام 1926 دفاعاً عن المسجد الأقصى ما جعل القوات البريطانية تقدم على اعتقاله.
فؤاد حجازي أصغر الشهداء الثلاثة سناً المولود في مدينة صفد, تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الاسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت, عرف منذ صغره بشجاعته وحبه لوطنه وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث الثورة.
عطا الزير من مواليد مدينة الخليل, ألم بالقراءة والكتابة إلماماً بسيطاً, عمل عطا الزير في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجاً على هجرة اليهود إلى فلسطين لا سيما إلى مدينة الخليل, وفي ثورة البراق هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعاً عن أهله ووطنه بكل ما لديه من قوة. وشهدت مدن فلسطين صداماً دامياً بين العرب والصهاينة وفي الخليل نفسها قتل ستون صهيونيا وجرح خمسين آخرين.
حدد يوم 17/6/1930 موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق الأبطال الثلاثة الذين سطروا في هذا اليوم أروع قصيدة وأعظم ملحمة, في هذا اليوم تحدى ثلاثتهم الخوف من الموت إذ لم يكن يعني لهم شيئاً بل على العكس تزاحم ثلاثتهم للقاء ربهم. كان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير ليأخذ دوره غير آبه, وكان له ما أراد، أما عطا وهو الثالث, طلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو المشنقة رافع الرأس منشرح الوجه.
وفي الساعة التاسعة من نفس اليوم نفذ حكم الإعدام بمحمد جمجوم الذي كان ثاني قافلة الشهداء وقبل ساعة من موعد تنفيذ الحكم, استقبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي زائرين أخذوهم بتعزيتهم وتشجيعهم فقال محمد جمجوم حينها "الحمد لله أننا الذين لا أهمية لنا نذهب فداء الوطن لا أولئك الرجال الذين يستفيد الوطن من جهودهم وخدماتهم" وطلب مع رفيقه فؤاد حجازي " الحنَّاء " ليخضبا أيديهما كعادة أهل الخليل في أعراسهم.
أما فؤاد حجازي وهو أول القافلة يقول لزائريه " إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانجليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً " .. وقد كتب فؤاد وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها في اليوم التالي وقد قال في ختامها " إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج, وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية"..