شهداء الوحدة الصاروخية: دماء أعزت أمة

سادتي الشهداء.. يا دروعا ترد عن كرامتنا الأذى وتحمي رصاصنا من انتهاكات الأغراب.. سلام عليكم في ذكراكم العطرة وأنتم بلون الضياء تتوضؤون بالطهارة والبهاء وتزنرون الجسد بالشظايا فإذا هي عليكم بردا وسلاما وعليهم وبال وسجيلا.. سلام على أمهاتكم التي أرضعتكم الجهاد وسرايا القدس عزة وشموخا واحتبسن الدمع حين عاد الحمام قانيا مغردا أناشيد الرحيل.. سلام على مرابض البطولة التي أنجتكم، وعلى صوت المنابر التي غذت عروقكم بعشق امتطاء النجوم يا بيارق صبرنا الجميل يا نسوة الفجر في ديار سيجها النسيج المتصاعد من قلوب المستضعفين حين تحاصر أشلاؤكم أسوارهم يندثر العساكر خائبين، يلوذون بعار يردي بأعناقهم فتتساوى قاماتهم بالتراب كما في الزيتون ورفح وجنين والخليل وطولكرم وفي كل مكان، لتطأهم خطاكم المتسابق في كل الآفاق.
تطل علينا اليوم الخميس الموافق 29-5 ذكرى استشهاد ثلاثة من ابرز مجاهدي سرايا القدس بمخيم الشاطئ "عبد الرحمن أبو شنب - يوسف أبو المعزة - محمد مطر"، الذين سطروا بدمائهم أروع ملاحم العز والفخار والتضحية والإباء.

الشهيد المجاهد "محمد مطر" رحلة جهاد توجت بالشهادة
ولد الشهيد محمد عمر خليل مطر في مخيم جباليا للاجئين بمدينة غزة في الثامن من أكتوبر عام 1986م. تربى شهيدنا في أسرة كريمة تعرف واجبها نحو وطنها كما تعرفه نحو دينها، تلك الأسرة التي هجرت كباقي الأسر الفلسطينية من موطنها الأصلي مدينة "المجدل" التي أقيمت على أنقاض مدينة عسقلان التاريخية. تتكون أسرته من والديه وثلاثة من الأبناء وستة من البنات، وقدر الله أن يكون الشهيد هو الثامن بين جميع إخوته.
درس الشهيد محمد مطر في المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث في المخيم، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة الشارقة الثانوية. أكمل دراسته الجامعية في كلية المجتمع بالجامعة الإسلامية. ارتبط الشهيد بعلاقات ممتازة مع أسرته، فكان محباً للجميع ومحبوباً من الجميع وتصفه إحدى أخواته بأنه بشوش الوجه، صاحب الكرم والحنان يشاركهم فرحتهم وأحزانهم .
انتمى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في العام 2002Ù… مع البدايات الأولى للانتفاضة المباركة التي نهض فيها الشعب مجتمعاً ليطالب بحقوقه التي عجزت عن استردادها أنظمة الخزي والعار وكل المتاجرين بدماء أبنائه، فكانت وقفه عز وفخار تحكى سيرتها الأجيال في كل مكان، فكان من طلائع شباب الحركة في مخيم الشاطئ، ليتربى على نهج الدكتور المعلم الشهيد "فتحي الشقاقي" وليسير على درب الإيمان والوعي والثورة.عمل شهيدنا المجاهد محمد مطر مساعداً في مركز الشهيد بشير الدبش لتحفيظ القرآن الكريم  في مسجد الوحدة. كان شهيدنا يحب الرياضة حيث لعب ضمن صفوف فريق كرة القدم والذي تشرف عليه الحركة في مخيم الشاطئ.
التحق شهيدنا الفارس محمد مطر في صفوف سرايا القدس في العام 2003م ليكون ضمن وحدة الرباط على الثغور وضمن أيضاً وحدة الاستطلاع وانتقل بعد ذلك إلى عمل الوحدة الصاروخية في مخيم الشاطئ.شارك الشهيد محمد مطر في إطلاق الصواريخ القدسية على المغتصبات الصهيونية المحاذية لشمال وشرق قطاع غزة، حيث أطلق أكثر من 60 صاروخاً من جميع أنواع الصواريخ.
كان صديقاً حميماً للشهداء المجاهدون Ù€ يوسف أبو المعزة وإسماعيل العرجا، ورائد القرم، وعبد الرحمن أبو شنب وعمر الخطيب وأحمد البلعاوي.  كان كثيراً ما يشارك إخوانه المجاهدين في صد الاجتياحات الصهيوني لمدننا وقرانا وكان شجاعاً ودوماً ما يخوض معارك باسلة ضد العدو المجرم.
كان شهيدنا إنساناً عظيماً طيب النفس وارتبط الشهيد بعلاقات ممتازة مع أسرته، فكان محباً للجميع، ومحبوباً من الجميع  حنوناً ورحيماً بمن هو اصغر منه، وكان دائم الزيارة لأهالي الشهداء والأسرى دائم صلة أرحامه.

الشهيد المجاهد "عبد الرحمن أبو شنب": مجاهد مقدام وفارس في الميدان
ولد شهيدنا المجاهد "عبد الرحمن إبراهيم أبو شنب" في مخيم الشاطئ بمدينة غزة في الثامن من مارس عام 1976م، وتربي في أسرة كريمة تعرف واجبها نحو وطنها كما تعرف واجبها نحو دينها، تلك الأسرة التي هُجرت كباقي الأسر الفلسطينية من بلدتها الأصلية "الجية".
وتتكون أسرته من والديه وخمسة من الأبناء، وثلاث عشر من البنات، وقدّر الله أن يكون الشهيد هو التاسع بين جميع إخوته، حيث درس شهيدنا المجاهد في مدرسة ذكور الشاطئ فحصل على الابتدائية، وأكمل دراسته الإعدادية في مدرسة الرمال، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة الكرمل، حيث لم يتمكن من الالتحاق بالجامعة، فعمل في مهنة الخياطة بمخيم الشاطيء يمدينة غزة.
ينتمي الشهيد لأسرة مجاهدة حيث أن والده عمل ضمن جيش التحرير الفلسطيني وله أخ أعتقل مدة عام في سجن النقب، وابن عمه الشهيد القائد إسماعيل أبو شنب الذي اغتيل بطائرات العدو الصهيوني، ويقول شقيقه بأنه ارتبط بعلاقات ممتازة مع أسرته، فكان محباً للجميع، ومحبوباً من الجميع، وتصفه إحدى أخواته بأنه بشوش الوجه، صاحب الكرم والحنان، يشاركهم فرحتهم وأحزانهم، صبوراً كاتماً للسر. وتزوج الشهيد برفيقة حياته في سنة 2000م، قبل نحو 6 سنوات، ولديه 3 أبناء هم " سارة البكر، وياسر، وإسراء ".
وانضم شهيدنا الفارس لسريا القدس مع بداية انتفاضة الأقصى المباركة، حيث التحق شهيدنا بصفوف السرايا وعمل في وحدة الرباط على الثغور ثم في وحدة الاستطلاع التابعة لسرايا القدس ثم في الوحدة الصاروخية، وشارك في العديد من عمليات رصد الأهداف العسكرية للمجاهدين، كما شارك برفقة الشهيد القائد محمد الدحدوح في إطلاق القذائف الصاروخية المطورة من شمال غزة نحو البلدات الصهيونية المغتصبة داخل ما يسمى بالخط الأخضر وقد أصابت الصواريخ أهداف إستراتيجية للصهاينة.
وعمل شهيدنا "عبد الرحمن أبو شنب" كأمير لمجموعة الوحدة الصاروخية في مخيم الشاطئ ( قدس1 ثم قدس متوسط المدى ثم صاروخ جراد المطور ) التي أصابت العدو في مقتل وقذفت الرعب في قلوبهم، وشارك في إعداد وتطوير الوسائل القتالية التابعة لسرايا القدس في مخيم الشاطئ.
وعُرف عن شهيدنا بإقدامه وشجاعته الباسلة وتصديه المتواصل للقوات الصهيونية لدى اجتياحها لمدننا وقرانا الفلسطينية، حيث كان الشهيد دوماً يخوض معارك باسلة ضد الجنود الصهاينة، حيث كان الفارس/"أبا ياسر" ورفاقه المجاهدين يحملون أرواحهم على أكفهم مع كل عملية يخرجون إليها لدك مغتصبات العدو، وكانوا دوماً على حذر من الطيران الصهيوني مما جعل الصهاينة يدبرون لهم كمين للقوات الخاصة الصهيونية في موقع إطلاق الصواريخ.

الشهيد المجاهد "يوسف أبو المعزة": صاحب الابتسامة الصادقة
ولد شهيدنا المجاهد "يوسف خليل أبو المعزة" في مخيم الشاطئ بمدينة غزة في الرابع والعشرين من أكتوبر لعام 1981م، حيث ينتمي شهيدنا إلى أسرة كريمة تعرف واجبها نحو وطنها كما تعرف واجبها نحو دينها، تلك الأسرة التي هُجرت كباقي الأسر الفلسطينية من بلدتها الأصلية "المجدل" والتي أقيمت علي أنقاض مدينة عسقلان التاريخية.
تتكون أسرته من والديه وثلاثة من الأبناء، وقدّر الله أن يكون الشهيد هو الثاني من بين أبناء هذه الأسرة، ودرس شهيدنا في مدرسة غزة الجديدة فحصل على الابتدائية، وأكمل دراسته الإعدادية في مدرسة الرمال، وعمل في مهنة الخياطة في مخيم الشاطيء من أجل أن يساعد أهله وذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر به أسرته كباقي الأسر الفلسطينية.ارتبط الشهيد بعلاقات ممتازة مع أسرته، فكان محباً للجميع، ومحبوباً من الجميع.
منذ أن تفتحت عيناه على الحياة رأى الاحتلال الصهيوني جاثم على صدر شعبه وأمته، فقرر أن يقاوم المحتل الجاثم، وأن ينذر نفسه في سبيل الله، من أجل تحرير أرضنا المباركة، حيث التحق شهيدنا بصفوف حركة الجهاد الإسلامي بعد استشهاد ابن خاله جمال إسماعيل والذي شارك في عملية الزورق البحرية الاستشهادية الشهيرة، وشهيدنا في العديد من المناسبات العامة ومناسبات حركة الجهاد الإسلامي، فكان يشارك بفاعلية في أعراس الشهداء.
التحق شهيدنا في صفوف سرايا القدس منذ ثلاثة أعوام، وعمل في وحدة الاستطلاع التابعة لسرايا القدس، وشارك في العديد من عمليات رصد الأهداف العسكرية للمجاهدين قبل الانسحاب الصهيوني من غزة، حيث عُرف عن شهيدنا إقدامه وشجاعته الباسلة وتصديه المتواصل للقوات الصهيونية لدى اجتياحها لمدننا وقرانا الفلسطينية، وكان يشارك في العديد من عمليات إطلاق الصواريخ على مغتصبات العدو الصهيوني مع إخوانه المجاهدين قبل الانسحاب الصهيوني من غزة، وبعد ذلك عمل في الوحدة الصاروخية التابعة لسرايا القدس حيث شارك في ضرب العديد من الصواريخ المطورة من شمال القطاع نحو البلدات الصهيونية المحتلة.

شهادة الأبطال
انطلق الفرسان الثلاثة عبد الرحمن ويوسف محمد في إحدى مجموعات الوحدة الصاروخية التابعة لسرايا القدس والمكونة من المجاهدون الوحدة الصاروخية ووحدة الإسناد الناري ومعهم أخوة مجاهدين آخرين) وتحمل المهمة الجهادية هدف قصف مدينة المجدل المحتلة بصواريخ قدس 3 المطورة، وبينما هم في طريقهم بالقرب من منطقة العطاطرة شمال قطاعنا الصامد، فإذا بكمين للقوات الخاصة الصهيونية التي فاجأتهم بإطلاق نار كثيف من ثلاث اتجاهات مستخدمين أسلحة رشاشة من طراز كلاشنكوف وأسلحة قنص كاتمة للصوت ومطورة، مما أربك المجاهدين حيث تصور للمجاهدين في بادئ الأمر أنها نيران صديقة مما جعلهم يشكون في هوية مطلقي النار، ولكن سرعان ما أدركوا أن قوة تحاصرهم فبدءوا بإطلاق النار باتجاه مصادر النيران وساندتهم وحدة الإسناد الناري التابعة لسرايا من الخلف، حتى أصيب مجاهدونا إصابات مباشرة وارتقى الفرسان الثلاثة شهداء إلى العلى بينما تمكن باقي أفراد المجموعة من النجاة بعدما أصيب بعضهم بجراح متوسطة، وأوقعت في العدو خسائر واعترف العدو بثلاث إصابات منها.
وقد وصلت إلى المكان قوة إسناد خارجية من سرايا القدس واشتبكت مع الوحدة الخاصة لأكثر من ساعة ونصف اشتباكاً عنيفاً، سمع خلالها صراخ لجنود الصهاينة الذين لم يتوقعوا هذه المقاومة العنيفة، وبينما الاشتباكات مستمرة تدخلت طائرات العدو لحماية القوة البحرية الصهيونية الخاصة، وقامت بقصف المجاهدين وأطقم الإسعاف الذين جاءوا لنقل الشهداء والمصابين من المكان مما أدى إلى استشهاد أحد أفراد الأمن الوطني وإصابة ما لا يقل عن عشرة مصابين من المواطنين.

(المصدر: سرايا القدس، 29/05/2014)