مؤسسة مهجة القدس ©
الاعتقال الإداري والØرب الاستباقية
بقلم/ ياسين السعدي
الاعتقال تعني التقييد، كما جاء ÙÙŠ الØديث النبوي الشريÙ: )اعقل وتوكل) ومنها قول أبي بكر ÙÙŠ جوابه الØازم للرد على دعوة بعض الصØابة، رضي الله عنهم، لملاينة المرتدين Øين أجاب مصمماً على تطبيق منهاج النبوة كاملاً: )والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لجاهدتهم عليه).
ونعر٠كي٠كانت النتيجة الØاسمة لهذا الموق٠الØازم. والاعتقال مصدر مأخوذة من الماضي الثلاثي)عَقَلَ بÙتØ) ØروÙها الثلاثة. أما )عَقÙÙ„ÙŽ)ØŒ بكسر Øر٠القاÙØŒ Ùتعني صار عاقلاً، كما نعر٠ذلك.
يقول المنجد: )عقل عقلاً البعير: ثنى وظيÙØ© مع ذراعه Ùشدهما معاً بØبل هو العقال). ويضي٠المنجد: )والعقال جمعها) عÙÙ‚ÙÙ„): Øبل يشد به البعير ÙÙŠ وسط ذراعه. ومنه العقال الذي يشد على الرأس).
وعليه Ùإن الاعتقال تعني القيد لمنع الØركة الطبيعية، وعدم القيام بما لا يريده من يقوم بالاعتقال. ومن هنا يتم تطبيق المعنى عملياً ÙÙŠ Øالة الاعتقال، أو ما Ø§ØµØ·Ù„Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡ بعملية الأسر.
ÙÙÙŠ كل مراØÙ„ التاريخ الØربي الإنساني كان الأسرى يعتقلون أي يتم تقييدهم وربطهم بالقيود كي لا يقاوموا عملية الأسر أو يقوموا بمØاولة الÙرار، كما ÙŠØدث Ø£Øيانا.
ونعر٠كي٠تم ربط الأسرى ÙÙŠ معركة بدر Øتى عرضوا على الرسول الكريم الذي أمر بÙÙƒ قيودهم ÙÙŠ نظرة إنسانية غير مسبوقة. أما ÙÙŠ الØروب الكبيرة Ùيساق الأسرى ويØشرون ÙÙŠ تجمعات، وتضرب Øولهم الأسيجة ويقوم الجنود بØراستهم.
ÙˆÙÙŠ Øالات الاØتلال، كما Øدث عندنا، Ùتبنى لهم المعتقلات الجماعية والزنازين الانÙرادية للذين يعدهم الاØتلال من القياديين الذين يمكن أن يكون لهم تأثير ÙÙŠ بقية المعتقلين، Ùيمنعهم من الاختلاط ببقية المعتقلين عقاباً لهم أولاً، ثم إبعادهم عن بقية الأسرى لكي لا ÙŠØرضوهم أو يقوموا بتوجيههم ورÙع معنوياتهم، وهذا هو سر الاعتقال الانÙرادي أو)العزل) الذي يمارسه الاØتلال بØÙ‚ المعتقلين القياديين الذين يصÙهم بالخطرين.
أما الØرب الاستباقية Ùتعني المبادرة بشن الØرب ومÙاجأة الخصم قبل أن يكمل استعداده للمواجهة ÙÙŠØدث لديه الارتباك ولا يستطيع المقاومة Ùيستسلم بعد أن يتلقى الضربة القوية التي Ø§ØµØ·Ù„Ø Ø¹Ù„Ù‰ تسميتها بالØرب الاستباقية، لأن من يقوم بالمبادرة يكون هو السابق ÙÙŠ شن الØرب، كما Øدث ÙÙŠ عدوان1967 Ù…. وهكذا Ùإن اعتقال من يطلق عليهم النشطاء قبل القيام بعمل معاد يعتبر Øرباً استباقية.
Øقوق الأسرى
كان المعتقلون أو الأسرى يعاملون معاملة قاسية قد تصل Øد الإعدام للتخلص من تبعات ما يترتب على المنتصرين من إطعامهم وما يلزم من Øراسة أو نقل أو غير ذلك، ولذلك كانوا يقتلونهم بالرغم من استسلامهم؛ كما يذكر التاريخ من إعدام نابليون بونابرت Ù„Øامية مدينة ياÙا الذين استسلموا، ولكن نابليون أمر بإعدامهم على شاطئ البØر للتخلص من التزامه تجاههم.
وهكذا كان ÙŠØدث ÙÙŠ كثير من الØروب قبل وبعد نابليون إلى أن تمت اتÙاقية جني٠الأولى بشأن Øقوق الإنسان سنة 1864Ù… بشأن الأسرى وجرØÙ‰ الØروب والمدنيين المتواجدين ÙÙŠ ميادين الØروب.
وتم تعديلها وإضاÙات جديدة باتÙاقيتين سنة1949 Ù…ØŒ بعد الØرب العالمية الثانية. لكن المجتمع الدولي، Øرصاً على Øقوق الأسرى والجرØÙ‰ والمدنيين المتواجدين ÙÙŠ المناطق التي تØدث Ùيها الØروب، عمل على زيادة الØرص على Øقوق الإنسان Ùتم إضاÙØ© بروتوكولين اثنين ÙÙŠ 8 Øزيران1977 Ù…ØŒ وبروتوكول ثالث سنة2005 Ù…. وقد وقعت دول العالم جميعها على ما يطلق عليه اتÙاقية جني٠الرابعة Øول الأسرى.
وعليه نجد أن الضمير الإنساني ÙŠØاول جاهداً مراعاة Øقوق الإنسان، وإن لم يتم اØترام هذه الاتÙاقيات وتطبيقها كما وضعت من أجله.
كل هذا لمعالجة الذين يقعون ÙÙŠ الأسر أثناء المعارك. أما عندنا ÙÙŠ Ùلسطين Ùالوضع مختلÙØŒ والاعتقالات لا تتم ÙÙŠ أغلبها خلال المواجهات أو المقاومة أو Øتى التخطيط والعمل ضد الاØتلال، إنما يتم الاعتقال بناء على جمع معلومات قد لا تكون صØÙŠØØ©ØŒ ولكن يتم الاعتقال من باب التØرز ومن قبيل الاØتياط وأخذ الØذر من Ù…Øاولات قد يقوم بها المعتقلون وهو ما يسمى: (الاعتقال الإداري).
يتم اعتقال المشتبه بهم ويزجون ÙÙŠ المعتقل بدون Ù…Øاكمة ويتم تجديد مدة الاعتقال مرات عديدة قد تصل إلى أكثر من عشر مرات متتالية كل مرة تكون لستة أشهر.
لكن الأسوأ من كل ذلك هو (العزل) أو (السجن الانÙرادي) بØيث يبقى المعتقل منزوياً لوØده ويØرم من مخالطة الناس ومن تسلم الرسائل ومطالعة الصØÙØŒ وأØيانا أو ÙÙŠ الأغلب، ÙŠØرم من زيارة أهله وذويه، وهذه أقسى أنواع العقاب.
قلنا إن الاعتقال الإداري هو من باب )الشبهة) أو من قبيل الظن بأن هذا الشخص يمكن أن يقوم بنشاط معاد أو يقوم بالتØريض أو بتوجيه وإرشاد المقاومين. ولا يتم الاعتقال الإداري إلا لمن يكون ÙÙŠ موقع متقدم من Øيث انتمائه إلى تنظيم معين أو على درجة كبيرة من التقدير ÙÙŠ مجتمعه كما ÙŠØدث مع المستقلين الذين يتم اعتقالهم أو إبعادهم لمجرد أن لهم توجهات وطنية صادقة، ويمكن أن يكون لهم تأثير ÙÙŠ توجيه مقاومة الاØتلال.
على هذا الأساس Ùإن ما يقوم به الاØتلال من )اعتقال إداري) أو الإبعاد يمكن أن يندرج تØت Ù…Ùهوم )الØرب الاستباقية) التي يقوم بها المØتلون ضد الذين يقعون تØت الاØتلال، أي أن الاعتقال Øسب خططه يسبق الأØداث التي يمكن أن يقوم بها المعتقلون أو يمكن أن يقوموا بتوجيه المقاومة ضد الاØتلال.
وقد يكون الاعتقال للقياديين أو لما يطلق عليهم )نشطاء المقاومة)ØŒ من بلدانهم التي تكون دولاً مستقلة، ومع ذلك يتم اختطا٠هؤلاء النشطاء واعتقالهم، كإجراء وقائي ثم لاستجوابهم والØصول على معلومات. ولعل أشهرهم القيادي ÙÙŠ Øزب الله الشيخ )عبد الكريم عبيد) الذي اختطÙته قوات الاØتلال من لبنان ÙÙŠ العام1989 Ù… Ùˆ)مصطÙÙ‰ ديراني) الذي اختط٠ÙÙŠ العام1994 Ù…ØŒ وأطلق سراØهما ÙÙŠ صÙقة تبادل الأسرى بين Øزب الله وإسرائيل سنة 2004 Ù…. وهذا النموذج يعتبر من الØرب الاستباقية.
أما ما قام به الأسرى والمعتقلون الإداريون أخيراً من اØتجاجات وإضراب عن الطعام وصل Ùيه وضع بعض المعتقلين مرØلة الخطر على Øياتهم، Ùيعتبر سابقة غير مسبوقة ÙÙŠ تاريخ القضية الÙلسطينية، لاقت تجاوباً كبيراً وتعاطÙاً شعبياً واهتماما رسميا ÙÙŠ الداخل والخارج، أدى إلى نتيجة يتمنى أن لا تبطل الاØتلال الصهيوني تأثيرها، وأن تنتهي سياسة الاعتقال الإداري وسياسة العزل أو السجن الانÙرادي، كما Ùهمنا من الاتÙاق أو (التسوية) التي تمت.
(المصدر: صØÙŠÙØ© القدس الÙلسطينية، 20/5/2012)