عميد أسرى الجهاد: فرحة دخولي غزة أنستني 34 عاما من العذاب بالسجن‏

 Ù„Ù…‎ ‎يتمالك‎ ‎عميد‎ ‎أسرى‎ ‎حركة‎ ‎الجهاد‎ ‎الإسلامي‎ ‎أحمد‎ ‎أبو حصيرة‎ ‎نفسه‎ ‎لحظة الإعلان‎ ‎عن‎ ‎‎نجاح‎ ‎صفقة‎ ‎التبادل‎ ‎بين‎ ‎حماس‎ ‎والاحتلال‎ ‎الصهيوني‎ ‎وشمول‎ ‎الصفقة‎ ‎اسمه، وبدأ‎ ‎منذ‎ ‎حينها بالتفكير‎ ‎في‎ ‎لحظة‎ ‎‎معانقة‎ ‎أهله‎ ‎ورفاقه، مع‎ ‎تزايد‎ ‎خفقان‎ ‎قلبه‎ ‎لهذا‎ ‎اللقاء‎ ‎الذي‎ ‎سيأتي‎ ‎بعد‎ ‎عشرات‎ ‎السنين من‎ ‎ظلمة‎ ‎السجن‎ ‎وقهر‎ ‎‎السجان. خلال‎ ‎لقاء‎ ‎في‎ ‎بيته‎ ‎غرب‎ ‎مدينة‎ ‎غزة‎ ‎تحدث‎ ‎عن‎ ‎اللحظات‎ ‎الأولى‎ ‎لعلمه بنجاح‎ ‎الصفقة‎ ‎ومدى‎ ‎تباين‎ ‎‎الأجواء‎ ‎داخل‎ ‎السجن‎ ‎وأجواء‎ ‎الاستقبال‎ ‎البهيج‎ ‎للأسرى‎ ‎البواسل‎ ‎وبيوت‎ ‎التهاني التي‎ ‎نصبت‎ ‎كأعراس‎ ‎فرح. وقال‎ ‎‎:‎"علمنا‎ ‎أسماء‎ ‎من‎ ‎سيتم‎ ‎الإفراج‎ ‎عنهم‎ ‎ضمن‎ ‎صفقة‎ ‎التبادل‎ ‎عن‎ ‎طريق‎ ‎الجوال وانقسم‎ ‎السجن‎ ‎إلى‎ ‎أجواء‎ ‎سعادة‎ ‎‎وحزن‎ ‎وخيبة‎ ‎أمل‎ ‎في‎ ‎نفس‎ ‎الوقت، فأصبح‎ ‎الأسرى‎ ‎الذين‎ ‎سيتم‎ ‎الإفراج عنهم‎ ‎يواسون‎ ‎غير‎ ‎المدرجين‎ ‎ضمن‎ ‎‎كشوفات‎ ‎الإفراج، كان‎ ‎الحزن‎ ‎كبيرا‎ ‎وكانت‎ ‎الفرحة‎ ‎كبيرة‎ ‎أيضا‎ ‎في‎ ‎هذه المقبرة‎ ‎أو‎ ‎السجن. ‎ولحظة‎ ‎خروج‎ ‎‎الأسرى‎ ‎المفرج‎ ‎عنهم‎ ‎طلب‎ ‎الأسرى‎ ‎منهم‎ ‎ألا‎ ‎ينسوهم‎ ‎من‎ ‎الدعاء‎ ‎وأن‎ ‎يذكّروا التنظيمات‎ ‎الفلسطينية‎ ‎بهم‎ ‎وأن‎ ‎‎يقولوا‎ ‎لهم‎ ‎دائما‎ ‎بأن‎ ‎هناك‎ ‎إخوة‎ ‎لهم‎ ‎في‎ ‎السجون‎ ‎الصهيونية‎ ‎ينتظرون لحظة‎ ‎الإفراج‎ ‎عنهم‎ ‎من‎ ‎هذه‎ ‎السجون‎ ‎التي‎ ‎‎يتعرضون‎ ‎فيها‎ ‎لأبشع‎ ‎أشكال‎ ‎التعذيب.‎‏ ووصف‎ ‎عميد‎ ‎أسرى‎ ‎الجهاد‎ ‎لحظة‎ ‎خروج‎ ‎الأسرى‎ ‎من‎ ‎السجن‎ ‎قائلا:‎‎ "خرجنا‎ ‎من‎ ‎سجن‎ ‎النقب‎ ‎بشكل‎ ‎جماعي وكانت‎ ‎الأسيرات‎ ‎برفقتنا‎ ‎أيضاً، ودخلنا‎ ‎إلى‎ ‎البوسطات"‎الباصات‎ ‎‎الحديدية‎ ‎ذات‎ ‎الشبابيك‎ ‎الصغيرة"‎ في ظل‎ ‎حراسة‎ ‎أمنية‎ ‎صهيونية‎ ‎مكثفة، وصولاً‎ ‎إلى‎ ‎معبر‎ ‎كرم‎ ‎أبو سالم، كنا‎ ‎‎داخل‎ ‎تلك‎ ‎الشاحنات‎ ‎مكبلي‎ ‎الأيدي على‎ ‎الرغم‎ ‎من‎ ‎توقيع‎ ‎الرئيس‎ ‎الصهيوني‎ ‎على‎ ‎وثائق‎ ‎تحررنا‎ ‎واستمرت‎ ‎‎الطريق‎ ‎من‎ ‎السادسة‎ ‎صباحاً‎ ‎حتى الثامنة‎ ‎وأكثر‎ ‎ما‎ ‎أسعد‎ ‎الأسرى‎ ‎خلال‎ ‎هذه‎ ‎اللحظات‎ ‎هو‎ ‎رؤيتهم‎ ‎للباصات‎ ‎‎الفلسطينية‎ ‎التي‎ ‎دخلت‎ ‎كي‎ ‎تقلهم.‎‏ وأشار‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎الأسرى‎ ‎حتى‎ ‎تلك‎ ‎اللحظة‎ ‎لم‎ ‎يكونوا‎ ‎يصدقون‎ ‎ما‎ ‎يجري‎ ‎حولهم، وكانوا‎ ‎يشكوا‎ ‎في‎ ‎أنهم‎ ‎سيعادون إلى‎ ‎السجن‎ ‎مجدداً‎ ‎فهم‎ ‎لا‎ ‎يأمنون‎ ‎الجانب‎ ‎الصهيوني‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎أدخلتهم‎ ‎هذه‎ ‎‎الباصات‎ ‎للجانب‎ ‎المصري، حينها اطمأن‎ ‎كافة‎ ‎الأسرى‎ ‎وسجدوا‎ ‎لله‎ ‎شكراً. 
وأضاف: "شعرنا‎ ‎لحظة‎ ‎دخولنا‎ ‎‎للأراضي‎ ‎المصرية‎ ‎بأننا‎ ‎في‎ ‎غاية‎ ‎النشوة والانتصار، نحن‎ ‎بالفعل‎ ‎نشكر‎ ‎جمهورية‎ ‎مصر‎ ‎العربية‎ ‎التي‎ ‎ساهمت‎ ‎‎في‎ ‎إنجاح‎ ‎صفقة‎ ‎التبادل‎ ‎منذ‎ ‎اللحظات الأولى‎ ‎حتى‎ ‎وصلت‎ ‎إلى‎ ‎مبادلة‎ ‎الجندي‎ ‎شاليط‎ ‎ب‎ ‎‏1027‏‎ ‎أسيرا‎ ‎‎فلسطينيا. وعن‎ ‎لحظة‎ ‎دخوله‎ ‎ورفاقه الأسرى‎ ‎المحررين‎ ‎إلى‎ ‎قطاع‎ ‎غزة‎ ‎قال‎ ‎أبو‎ ‎حصيرة: "ما‎ ‎رأيته‎ ‎من‎ ‎شعور‎ ‎‎عظيم‎ ‎وفرحة‎ ‎كبيرة‎ ‎غامرة‎ ‎أنستني‎ ‎كل سنوات‎ ‎وظلمة‎ ‎السجن‎ ‎وقهر‎ ‎السجان، فقد‎ ‎غمرنا‎ ‎بالفعل‎ ‎شعور‎ ‎‎الاطمئنان‎ ‎والحب‎ ‎والسعادة‎ ‎بعد‎ ‎ملاقاة‎ ‎أهلنا وذوينا، حينها‎ ‎فقدت‎ ‎إحساس‎ ‎الألم‎ ‎الذي‎ ‎صاحبني‎ ‎طوال‎ ‎فترة‎ ‎السجن‎‎.
وتمنى‎ ‎أبو‎ ‎حصيرة‎ ‎الإفراج‎ ‎الفوري عن‎ ‎كل‎ ‎المعتقلين‎ ‎وقال: "إخواننا‎ ‎الأسرى‎ ‎بحاجة‎ ‎إلى‎ ‎من‎ ‎يساندهم‎ ‎ويدعمهم‎ ‎‎ويحل‎ ‎قضيتهم‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎شعورهم المتواصل‎ ‎بقهر‎ ‎السجان‎ ‎والظلم‎ ‎الكبير‎ ‎الواقع‎ ‎عليهم‎ ‎وهؤلاء‎ ‎لن‎ ‎يخرجوا‎ ‎إلا‎ ‎‎بصفقات‎ ‎مشرفة.وأوضح‎ ‎أن‎ ‎التهمة التي‎ ‎وجهت‎ ‎إليه‎ ‎هي‎ ‎الانتماء‎ ‎إلى‎ ‎حركة‎ ‎الجهاد‎ ‎الإسلامي‎ ‎وإلقاء‎ ‎قنابل‎ ‎‎يدوية‎ ‎على‎ ‎جيبات‎ ‎عسكرية‎ ‎صهيونية وإصابة‎ ‎‏17‏‎ ‎جندياً، فحكم‎ ‎عليه‎ ‎‏35‏‎ ‎سنة‎ ‎وقد‎ ‎أمضى‎ ‎‏34‏‎ ‎منها‎ ‎في‎ ‎السجون‎ ‎‎الصهيونية‎ ‎حيث‎ ‎كان‎ ‎قد‎ ‎اعتقل قبل‎ ‎هذه‎ ‎المرة‎ ‎في‎ ‎العام‎ ‎‏1971‏‎ ‎وأفرج‎ ‎عنه‎ ‎في‎ ‎العام‎ ‎‏1979‏‎ ‎على‎ ‎خلفية‎ ‎نشاطه‎ ‎‎في‎ ‎صفوف‎ ‎المقاومة‎ ‎وأمضى‎ ‎فترة اعتقال‎ ‎ثانية‎ ‎بدأت‎ ‎في‎ ‎‏18‏/‏2‏/‏1986‏‎ ‎Ù…‎ ‎حيث‎ ‎أصدرت‎ ‎محكمة‎ ‎عسكرية‎ ‎‎صهيونية‎ ‎بحقه‎ ‎حكما‎ ‎ب‎ ‎‏35‏‎ ‎سنة‎ ‎إلى أن‎ ‎خرج‎ ‎ضمن‎ ‎صفقة‎ ‎التبادل.
وعن‎ ‎إمكانية‎ ‎اندماج‎ ‎الأسرى‎ ‎سريعاً‎ ‎في‎ ‎‎مجتمعهم‎ ‎بعد‎ ‎الفترات‎ ‎الطويلة‎ ‎التي عاشوها‎ ‎داخل‎ ‎السجن‎ ‎قال‎ ‎أبو حصيرة: "لم‎ ‎يكن‎ ‎الأسرى‎ ‎مغيبين‎ ‎عن‎ ‎واقعهم‎ ‎‎الفلسطيني‎ ‎فهم‎ ‎يتابعون‎ ‎بشغف‎ ‎كل ما‎ ‎يحصل‎ ‎وقد‎ ‎تابعوا‎ ‎الحرب‎ ‎ ‎ ‎الشرسة‎ ‎على‎ ‎قطاع‎ ‎غزة‎ ‎وشاهدوا‎ ‎‎مدى‎ ‎الصمود‎ ‎الفلسطيني، الأسرى يعرفون‎ ‎كل‎ ‎ما‎ ‎يجري‎ ‎ويعرفون‎ ‎مدى‎ ‎قوة‎ ‎العزيمة‎ ‎التي‎ ‎يتحلى‎ ‎بها‎ ‎‎الفلسطينيون.
وأشار‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎قطاع‎ ‎غزة‎ ‎لم يختلف‎ ‎كثيراً‎ ‎عما‎ ‎تخيله‎ ‎من‎ ‎داخل‎ ‎السجن‎ ‎وأنه‎ ‎لم‎ ‎يختلف‎ ‎سوى‎ ‎الشكل‎ ‎‎الخارجي‎ ‎للبنايات‎ ‎وأعداد‎ ‎الناس‎ ‎أما المضمون‎ ‎فقد‎ ‎بقي‎ ‎كما‎ ‎هو‎ ‎وأضاف: "كنت‎ ‎فخوراً‎ ‎عندما‎ ‎وجدت‎ ‎حركة‎ ‎الجهاد‎ ‎‎الإسلامي‎ ‎التي‎ ‎كنت‎ ‎أول‎ ‎من‎ ‎اعتقل فيها‎ ‎بهذا‎ ‎الحجم‎ ‎وبهذه‎ ‎القوة".
يذكر‎ ‎أن‎ ‎الأسير‎ ‎المحرر‎ ‎أبو حصيرة‎ ‎من‎ ‎مواليد‎ ‎‎العام‎ ‎‏1952‏‎ ‎من‎ ‎سكان‎ ‎غزة‎ ‎الرمال،‎ ‎اعتقل‎ ‎بتاريخ‎ ‎‏18‏/ ‏2‏/‏1986‏‎ ‎وكان‎ ‎يبلغ‎ ‎من‎ ‎العمر‎ ‎وقتها‎ ‎‏27‏‎ ‎عاماً‎ ‎وهو‎ ‎‎متزوج‎ ‎وشكل‎ ‎ورفيق‎ ‎دربه‎ ‎الأسير‎ ‎محمد الحسني‎ ‎أولى‎ ‎الخلايا‎ ‎العسكرية‎ ‎ضمن‎ ‎صفوف‎ ‎حركة‎ ‎الجهاد‎ ‎الإسلامي‎ ‎‎في‎ ‎بداية‎ ‎عقد‎ ‎الثمانينات‎ ‎التي‎ ‎نفذت العديد‎ ‎من‎ ‎العمليات‎ ‎الجريئة‎ ‎ضد‎ ‎قوات‎ ‎الاحتلال،‎ ‎قبل‎ ‎أن‎ ‎يتم‎ ‎اعتقال‎ ‎أفراد‎ ‎‎المجموعة.

 (المصدر: صحيفة الأيام الفلسطينية 23/10/2011)