أطفال قرية عزون.. براءة مغيبة خلف قضبان الأسر

حال أطفال قرية عزون لا يختلف عن حال بقية أطفال الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، إلا أنهم باتوا في الفترة الأخيرة الأكثر استهدافًا من قبل سلطات الاحتلال، إذ تغيب براءة الطفولة خلف قضبان سجون الاحتلال، ومن لم يسجن يلاحق بالإقامة الجبرية أو بهواجس اقتحام منزله واعتقاله وضربه وشبحه، ومن يسلم من جنود الاحتلال يلاحقه المستوطنون، الذين يصولون ويجولون ويعيثون فسادًا في الأرض.
وترصد الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال صورًا متعددة لمعاناة أطفال عزون، وليس فقط الاعتقالات والاستدعاءات، إذ تشير شهادات الأطفال لدى الحركة أن المحققين يهددون الأطفال الأسرى بالاغتصاب، وهو ما يفقدهم براءتهم، وتلاحقهم الكوابيس حتى بعد الإفراج عنهم.

وحول أولئك الأطفال أعدت فلسطين التقرير التالي:

يؤكد فؤاد الخفش المختص بشؤون الأسرى أن رحلة الاعتقال تبدأ من غرف النوم للأطفال الصغار، إذ يقتحم الجنود منازل الأطفال ويدخلون غرف نومهم، ويتم تعصيب أعينهم، وتكبيل أيديهم في المرابط البلاستيكية، ويوضعون في الآليات العسكرية لمدة طويلة، وينقلون إلى مكان التحقيق من دون إبلاغ الأهل أية تفاصيل عن التهم أو الجهة التي سينقل إليها الطفل المعتقل.
الطفل أحمد عبد الله اعتقله جنود الاحتلال ضمن حملات الاعتقال اليومية التي تطال مختلف مناطق الضفة الغربية ومنها قرية عزون، وحقق معه بقسوة حسب شهادته لمحاميه، برغم أن سنه لم تتجاوز 15 عامًا، ثم ابتزته مخابرات الاحتلال بالاعتراف على ضرب الحجارة ووعدوه بإطلاق سراحه إن اعترف، وعندما اعترف وهو لم يضرب الحجارة في الحقيقة، حكم عليه بالسجن نصف سنة وغرامة باهظة.
الطفل يوسف لم يعترف بضرب الحجارة، ورغم ذلك حكم عليه بشهرين سجن وغرامة 1500 شيكل؛ بحجة أن شاهدين عليه من الأطفال اعترفا بضربه للحجارة.
وقبل أيام حكم على ستة أطفال من قرية عزون بالسجن من أشهر لعدة سنوات، بزعم إلقاء زجاجات حارقة على مركبات المستوطنين.

مزاعم واهية
ويواصل الاحتلال حملات الاعتقال اليومية في الضفة الغربية التي تطال مختلف الأعمار حتى الأطفال الصغار؛ بحجج ومزاعم واهية، وهو ما يتنافى مع حقوق الإنسان التي يضرب بها الاحتلال عرض الحائط.
فأكثر الأيام لا تكاد تمر من دون أن تبث وسائل الإعلام المختلفة خبر اعتقال طفل من قرية عزون، أو الاعتداء واقتحام جنود الاحتلال القرية، وما يصاحب ذلك من تفتيش وإهانة وضرب أحيانًا.
وعن التهم الموجهة لأطفال عزون يقول محامي نادي الأسير: "إنها تتعلق في أكثرها بتهمة "إلقاء الحجارة"، وبشكل أقل زجاجات حارقة على الجنود والمستوطنين الذين يسلكون الشارع الرئيس، الذي يمر بقرب القرية من الجهة الشمالية".
وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب خوان منديز دعا إلى فرض حظر كامل على وضع الأطفال في الحبس الانفرادي، في تقريره للجمعية العمومية للأمم المتحدة في تشرين الأول2011 ، الذي قال فيه: "إن استخدام الحبس الانفرادي يمكن أن يصل إلى حد التعذيب، أو المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، أو العقاب عندما تستخدم وسيلة لعقاب ذوي الإعاقة العقلية أو الأحداث الصغار، باحتجازهم قبل المحاكمة لأجل غير مسمى أو فترة طويلة".
وقد أدانت المؤسسات والجمعيات التي تعمل في مجال شؤون الأسرى تكرار استهداف أطفال قرية عزون وفتيتها القاصرين، ووصف مركز أحرار حملات اعتقال الأطفال بالتعسفية الهادفة إلى زعزعة أمن المواطن الفلسطيني، وطالب مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بالتدخل لوقف هذا المسلسل الإجرامي المخالف لكل القوانين، بحق أطفال عزون وبقية أطفال الضفة الغربية والقدس المحتلة.

انتهاكات
بدوره، قال مسؤول المناصرة الدولية في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال "جيرارد هورتون": "إن الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال - من بينهم أطفال عزون - يعرضون لانتهاكات جسيمة تصل بعضها للتهديد بالإغتصاب".
وأضاف "هورتون"، في تصريح له: "إن الأطفال الفلسطينيين في السجون التابعة لدولة الاحتلال يحرمون من الحد الأدنى من حقوق الطفل".
وأشار إلى أن المحققين في المعتقلات يمارسون بحقهم أساليب تنكيل تصل إلى حد التحرش الجنسي، من دون السماح للمحامي بلقائهم أو الدفاع عنهم، ويبقون في ظروف تحقيق واحتجاز صعبة حتى الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهم".

(المصدر: صحيفة فلسطين، 19/7/2012)