Error loading files/news_images/الأسير محمد الأفندي.jpg مؤسسة مهجة القدس مؤسسة مهجة القدس
29 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    عدنان الأفندي يتحدث عن تجربته النضالية والإبداعية داخل وخارج السجون والمعتقلات الصهيونية

    آخر تحديث: الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015 ، 12:31 م

    حلقة جديدة من حلقات نضالات وابداعات الأسرى داخل وخارج السجون والمعتقلات؛ وتتناول حلقة اليوم التجربة النضالية والإبداعية للأسير المحرر عدنان الأفندي، كما رواها لمركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة التابع لجامعة القدس.

    ولد الأسير المحرر عدنان محمد يوسف الأفندي في الخامس من تشرين الثاني لعام 1971م في مخيم الدهيشة ببيت لحم، وهو أبن أسرة مناضلة هجرت العام 1948م من قرية دير أبان غرب مدينة القدس، وهو الأصغر بين إخوته الذين كانوا قد اعتقلوا جميعاً وأمضوا فترات متفاوتة في المعتقلات الإسرائيلية، كما اعتقل والده أيضاً خلال الانتفاضة الأولى. تلقى تعليمه للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدرسة ذكور الدهيشة، وأكمل بنجاح المرحلة الثانوية في الفرع العلمي في مدرسة ذكو بيت لحم الثانوية.

    كان لنشوء الأسير المحرر عدنان الأفندي في مخيم الدهيشة للاجئين الأثر الكبير على مسيرة حياته، ففي ظل الأجواء الثورية، التي تميز المخيمات الفلسطينية العامة، تشكل لديه الوعي والانتماء الوطني، كما هو الحال مع أبناء جيله من المخيم، ونمت في أعماقه الروح الثورية الجهادية.

    كانت البداية مع حلول فجر الثالث عشر من أيار العام 1993م حين خرج الأفندي برفقة أشقائه إلى العمل في القدس، ولم يكن أحد يعلم بما يخطط له عدنان إذ قام في ذلك اليوم بطعن إسرائيليين بالسكين وأصابهما بجروح، وبعد مطاردته، تم اعتقاله والحكم عليه بالسجن مدة ثلاثين عاماً.

    كان ذهاب المناضل عدنان الأفندي إلى مدينة القدس بدافع العمل مع إخوته في مجال أعمال البناء، غير أنه في ذلك اليوم قام وقبل أن يغادر بيته بوضع سكين في حقيبة طعامه، فوصل إلى مكان عمليه دون حدوث مشاكل وذلك على الرغم من دقة وصعوبة التفتيش على الحواجز الإسرائيلية.

    بدأ عدنان العمل مع أخويه حتى جاء موعد الفطور، تناول معهما الطعام، وهو يحدق بهما بنظرات وداع، إذ اجتاحت كيانه في تلك اللحظات مشاعر الأخوة وشعر بمدى ارتباطه بهما وحبه لهما.

    ويبين عدنان أنه قد انتابته في تلك اللحظات مشاعر غريبة بأنه لن يراهما بعد اليوم وإلى الأبد. لم يعرف أو يشعر أحد من أخويه بما كان يفكر فيه، ويومها طلبا منه مساعدتهما في إنجاز العمل، فابتسم وأجاب بأنه ينوي الذهاب ولم يخبرهما عن وجهته، نظر إليهما نظرة أخيرة، وبدأ السير مسرعاً، وهو يحمل سكينه التي بقيت معه منذ خروجه من البيت.

    توجه عدنان إلى الشارع المقابل لمكان عمله، سار فيه مسرعاً، وعيناه تبحثان في كل مكان عن هدف، حينها حضرت في ذاكرته ومخيلته صور الأطفال والنساء من ضحايا المجازر والذكريات المؤلمة عن المذابح التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في صبرا وشاتيلا وعيون قارة والمسجد الأقصى وفي أنحاء الضفة الغربية وغزة والوطن كله، كان حينها يحدث نفسه بضرورة الانتقام لكل هؤلاء وأنه حان وقت الثأر لأبناء شعبه.

    قرر عدنان شن الهجوم، وبعد أن رأى عدداً من الشباب الإسرائيليين يسيرون في الشارع، سحب سكينه وهاجمهم مردداً "الله أكبر"، قام بطعن أحدهم ثلاث طعنات، ثم بدأ بالركض في الشارع محاولاً الإمساك بآخر فقام أيضاً بطعنه ثلاث طعنات. هاجمه عدد كبير من المارة الإسرائيليين الذين استطاعوا السيطرة عليه واحتجازه في موقف للسيارات، ثم انهالوا عليه بالضرب حتى غاب عن الوعي.

    نقل عدنان الأفندي، وهو فاقد للوعي، من مكان العملية إلى مركز التحقيق في القدس والمعروف باسم "المسكوبية"، ليمكث هناك في الزنازين أكثر من سبعين يوماً، كانت مرحلة مريرة من العذاب والألم، ثم نقل إلى قسم العزل في معتقل الرملة.

    تعرض عدنان في بداية اعتقاله لتحقيق عنيف وقاس مدة شهرين، وعوقب بالعزل الانفرادي في زنزانة تحت الأرض لفترة طويلة، وتنقل بين عدة سجون، حيث تم نقله إلى سجن عسقلان المركزي ومكث فيه فترة من الزمن التقى خلالها مع عدد من الإخوة المناضلين، والذين شاركهم في العام 1992م في الإضراب المفتوح عن الطعام. فيما بعد نقل إلى سجن جنيد المركزي في نابلس والذي مكث فيه حتى نهاية العام 1995م. ثم بعد إغلاق المعتقلات الإسرائيلية في مناطق الضفة الغربية وتسلم السلطة الوطنية الضفة الغربية نقل إلى سجن نفحة، وبشكل العام وخلال سنوات اعتقاله تنقل الأفندي بين سجون عديدة.

    كانت الفترة الأطول تلك التي أمضاها في سجن ريمون، حيث أمضى فيه حوالي ثماني سنوات متتالية، وهي الفترة الأكثر تأثيراً عليه أيضاً، وإذ تعرف هناك على الأسير المناضل ميسرة أبو حمدية، والذي استشهد إثر إصابته بمرض السرطان ونتيجة للإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجون.

    واكب الأسير المحرر عدنان الأفندي الحالة المرضية التي كان يمر بها الشهيد ميسرة أبو حمدية بحكم إقامتهما معاً في الغرفة ذاتها. وكان للشهيد أبو حمدية تأثير كبير على فعاليات ونشاط الحركة الفلسطينية الأسيرة، فكان يعقد الجلسات الثقافية بشكل دائم رغم كبر سنه وقسوة مرضه، وكان أيضاً من أشد المناضلين إصراراً على ضرورة الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل في الساحة الفلسطينية وفي داخل السجون الإسرائيلية، خاصة بعد الانقسام الذي حدث في الساحة الفلسطينية، والذي ترك أثراً ملحوظاً على الحركة الفلسطينية الأسيرة، كان للشهيد أبو حمدية دور كبير في التقريب بين الفصائل والتنظيمات في المعتقلات وخاصة في معتقل ريمون خلال فترة وجوده مع المناضل عدنان الأفندي.

    تعرض الأفندي طوال سنوات اعتقاله لأشكال عديدة من الممارسات التعسفية والعقوبات كالحرمان من زيارة الأهل لسنوات طويلة بذرائع أمنية. ومنذ بداية اعتقاله بدأ يطور ثقافته العامة، حيث تمكن من إتقان اللغة العبرية من خلال الدورات الثقافية التي تعقد داخل السجون، ما شجعه على إكمال تعليمه العالي في المعتقل من خلال الانتساب للجامعة العبرية المفتوحة. وعلى الرغم من ظروف الاعتقال القاسية والعقوبات المتكررة التي كانت تفرض عليه من قبل إدارات السجون، استطاع الأفندي الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة المفتوحة. وكتب أيضاً عدداً من المقالات التي كان يبعث بها إلى خارج السجن، كان من بين مقالاته الهامة واحدة بعنوان "زيارة تاريخية" كتبها في سجن ريمون يتحدث فيها عن زيارة إخوته له بعد انقطاع عنهم دام لسبعة عشر عاماً.

    يقول الأفندي في هذه المقالة "حرمت من زيارة إخوتي منذ العام 1996م، وكانت أعمارهم في ذلك العام تتراوح ما بين الثلاثين والخامسة والثلاثين عاماً، أي أنهم كانوا لا يزالون في عمر الشاب. منذ ذلك العام وأنا أشتاق لرؤيتهم، ولو أن السجون بقيت كما كانت في السابق في المدن الفلسطينية المحتلة عام 1967م وقبل اتفاق أوسلو لبقيت أزورهم وأراهم كل أسبوعين. ولكن بعد أن تم نقلنا من السجون الموجودة في مدن الضفة الغربية، خاصة من سجن جنيد، إلى سجون تقع في الداخل، أصبحنا نشعر بالتغيير الكبير وبسوء أوضاعنا...".

    ويواصل الأفندي حديثه قائلاً: "لا يختلف عاقلان من أبناء الشعب الفلسطيني على أن أوضاعنا قبل اتفاقية أوسلو كانت أفضل مما هي عليه بعد الاتفاقية، على الأقل على مستوى زيارة الأهل حيث كان الأسير منا يزوره كل أفراد العائلة دون استثناء، ودون الحاجة للحصول على تصريح. وكان بنا أمل في أن تتحسن الأوضاع بعد توقيع أوسلو خاصة فيما يتعلق بزيارة الأهل وبنينا على هذا الاتفاق آمالاً كبيرة، وكثيراً ما كنا نتحدث فيما بيننا كأسرى، خاصة الأسرى القدامى منا، ونتساءل إن كنا سنتمكن من رؤية أهلنا قبل أن نفقدهم الواحد تلو الآخر، بعد أن مضت سنوات طويلة دون أن نراهم، فكثير من الأسرى فقدوا آباءهم وأمهاتهم وهم داخل المعتقلات، وكثير من الأسرى تركوا إخوة لهم في جيل الشباب، وفقدوهم دون أن يزوروهم لفترات طويلة...". وهذا ما حصل بالفعل مع عدنان الأفندي إذ استشهد ابن أخيه قصي الأفندي، ابن السبعة عشر عاماً، وقد ولد قصي واستشهد دون أن يعرفه عمه الأسير أو يراه.

    يواصل الأسير المحرر عدنان الأفندي حديثه فيقول في مقالته "في العام 2012م كانت المفاجأة بالنسبة إلي عندما أخبرتني والدتي بأن ثلاثة من إخوتي الستة الذين لم أراهم منذ سبعة عشر عاماً سوف يزورونني بعد أن تمكن الصليب الأحمر من استصدار تصاريح زيارة لهم ولمرة واحدة فقط. في تلك اللحظة عادت بي الذاكرة إلى الوراء سبعة عشر عاماً، وشعرت أنني أسمو عالياً في السماء، لأنني كنت قد فقدت الأمل في رؤيتهم وهم على قيد الحياة بعد هذه الفترة الطويلة التي لم أرهم فيها. بقيت أرقب وأنتظر موعد الزيارة القادمة وأرسم صوراً لهم في مخيلتي، وأتساءل: كيف أصبحت صورهم؟ هل مازالوا كما كانوا؟ ومرت الأيام ما بين الزيارة والزيارة التالية وكأنها سنوات، وفي السابع والعشرين من أيلول العام 2012م خرجت للزيارة وكانت المفاجأة والصدمة الكبيرة، فقبل سبعة عشر عاماً أذكر أن إخوتي كانوا في جيل الشباب! تفاجأت أن من أمامي هم إخوتي الثلاثة الذين يكبرونني وقد تجاوزوا سن الخمسين، أي تجاوزوا سن الشباب الذي تركتهم فيه. ولكن عندما جلست أمامهم شعرت بطعم جديد للحياة لم أعرفه منذ فترة طويلة، وكبر الأمل لدي أكثر مما كان عليه وشعرت أنني قد ولدت من جديد، وتمنيت لو ان وقت الزيارة يطول ويطول عن الـ 45 دقيقة المعهودة، فقد مضى وقت الزيارة كأنه لحظة... وعندما عدت من الزيارة إلى القسم شعرت وكأنني زرتهم للحظة، أو أنني قد رأيتهم في حلم...".

    أفرج عن المناضل عدنان الأفندي في نهاية العام 2014م ضمن الدفعة الثالثة لأسرى ما قبل أوسلو، بعد الاتفاق السياسي الذي جرى بين الرئيس محمود عباس وحكومة الاحتلال. ولقي موضوع الإفراج عن الأفندي صدى كبيراً في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث عارضت الإسرائيلية "بلا فرويند"، والتي كانت قد قامت بمساعدته عند اعتقاله، الإفراج عنه، وذلك خلال مقابلة صحفية أجرتها معها وسائل الإعلام الإسرائيلية طالبت فيها "بعدم الإفراج عن الأسير الفلسطيني عدنان الأفندي، الذي قد تشمله القائمة الثالثة من الأسرى المنوي الإفراج عنهم".

    وبعد ورود اسم عدنان الأفندي ضمن قائمة الأسرى الذين سيفرج عنهم تستذكر "بلا فرويند" اللحظات التي نفذ فيها عدنان عمليه الطعن وقامت مجموعة من الشباب الإسرائيليين بمطاردته في محاولة منهم لقتله، وتقول إنها قامت بحمايته عندما وصل إليها، ومنعت بجسدها الشباب الغاضبين من الوصول إليه، وتحملت منهم الشتائم والضرب، رافضة الابتعاد عنه على الرغم من تهديد أحدهم لها، الذي طلب منها الابتعاد كي يطلق عليه النار، ولكنها رفضت حتى جاءت عناصر الشرطة الإسرائيلية واعتقلته. وتؤكد "بلا فرويند" أنه يمنع على إسرائيل الإفراج عن عدنان الأفندي، وأنها قامت بتطبيق القانون عندما حمته من القتل، وأنه يجب أن يبقى في المعتقل حتى انتهاء مدة حكمه واعتبرت الإفراج عنه "خيانة للجمهور الإسرائيلي وخرقاً واضحاً للقانون".

    يذكر أن الأسير المحرر الأفندي باشر بعد تحرره من الاعتقال إكمال تعليمه العالي للحصول على درجة الماجستير، وهو يشكل بذلك، وبمسيرته منذ ما قبل الاعتقال، وخلال الاعتقال وبعده، نموذجاً للحركة الوطنية الأسيرة وللمناضل الفلسطيني، الذي لا تثنيه التحديات والصعاب عن مواصلة الدرب في سبيل التراكم المعرفي والوطني والعلمي والثقافي اللازم من أجل التحرير، ونيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

    المصدر/ صحيفة القدس الفلسطينية


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر محمد محمود حسين جودة من مخيم جباليا بغزة بسبب نوبة قلبية وكان الأسير قد أمضى 10 سنوات في السجون الصهيونية

29 مارس 2001

الاستشهادي أحمد نايف اخزيق من سرايا القدس يقتحم مستوطنة نيتساريم المحررة وسط القطاع فيقتل ويصيب عدداً من الجنود

29 مارس 2002

الاستشهاديان محمود النجار ومحمود المشهراوي يقتحمان كيبوتس "يد مردخاي" شمال القطاع فيقتلا ويصيبا عددا من الجنود الصهاينة

29 مارس 2003

قوات الاحتلال الصهيوني بقيادة شارون تبدأ باجتياح الضفة الغربية بما سمي عملية السور الواقي

29 مارس 2002

الاستشهادية آيات الأخرس تنفذ عملية استشهادية في محل تجاري في القدس الغربية وتقتل 6 صهاينة وتجرح 25 آخرين

29 مارس 2002

قوات الاحتلال الصهيوني تغتال محي الدين الشريف مهندس العمليات الاستشهادية في حركة حماس

29 مارس 1998

الأرشيف
القائمة البريدية